Tuesday, June 10, 2008

مخاض الفكر بمولود الورق

::لأول مرة أجدني عاجزا عن الكتابة ، فأهزُّ نصلَ قناتها لترتد أسهمُ البيان إلى صدرِ البياض من الورق ، خَجِلا ينزوي في هامش هذا البياض الذي أصابته معرةُ ما خلفه سهمٌ لم يسعف نصلَه لقتل بنات الفكر وترٌ لم تشده يدٌ تشد الوكاء ، ليولد بقتلهن وليدٌ ينشدُ نسبَ أبيه الذي يعلن براءته منه براءةَ الله من المشركين ورسوله لأنه خداجٌ ، لم تمت بولادته أمٌ ودت حين مخاضها أن كانت نسيا منسيا ، ولم يفخر بانتسابه له أبوه ، وإن كان ابنُ من بعضه يفوق أبا باحثٍ ، وهو نجلُ من نـَجَله ، ليُثعبَ دما يتقاطر على هامش بياضٍ عتيق لم يتقادم عهده ، فشوهت قطراتُه الحمراءُ - التي لم تصلي من ليل الجوى نافلةً لها- مقاما من الورق محمودا ،وكفى بمقام أهل القلوب حمدا أنهم لا يطؤون موطء حبٍ إلا كُـتب لزفراتهم بلغة أهل الجنة بارقُ أمل وصالحُ عمل ، ولا ينالون من أم دفر نيلا إلا سهل الله طريقهم لجنات ظاهرُها المشقة وباطنُها دفءُ الوصل ، وتوقدُ شوقٍ تغار منه الزهرةُ في مدارها ، ولها بسور من الثلج بابٌ رُقمت عليه لافتةٌ - يذوب لكلميتها غرورُ برد زحل - بحرف من اليقين " بردُ القلب " لئلا يدخلَ من طاقتيه من سقاه السرى كأسَ النعاس ، فخرّ له من أول الليل ساجدا ، ولامعلقٌ بخيط من القلق على مشانق الإنتظار ، عاشقٌ مستجد ، لم يدفع لها مهرا ثمنه " ما عانيتم في الأيام الخالية " ، ليُجزى بـ " هنيئا بما كنتم تحرقون فتكتبون " طافقا - بورقٍ عتيقٍ من دفترِ عاشقٍ تقادمَ عهدُه ، وصلبَه ليلُ وعوده قبل ان يفترّ عن ثغر صبح أمانيه ، وينبلج فجرُ رجاءٍ حدّث به نفسَه مَوْهنا - خصفا ليتمتم بــ " ادعوهم لآبائهم " مبتهلا أن يعقبه أبوه من قضى منها وطرا ، وعاذت بتقواه للرحمن ، فتكلم الخَدِجُ بمهده صبيا ، كصباه في نظر دهاقنة العشق ، إذ لم يحيطوا بمآله علما أن سيكون جبارا في الأرض ، لا يساوي الخلقُ في مفرقه شعرةٌ ، فأباح شعورُه هذا له شِعرا " أن يفخر بنفسه لا بجدوده " ، وإن ذكرنا بدايةً ترفعَ أبيه عن نسبته إليه ، فعقَ أمَّه وارتفع به ذكرُ أبيه .

No comments: